فصل: من فوائد الشنقيطي في الآية:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال الفخر:

قال ابن عباس: يريد ما فرض لهن من الميراث، وهذا على قول من يقول: نزلت الآية في ميراث اليتامى والصغار، وعلى قول الباقين المراد بقوله: {مَا كُتِبَ لَهُنَّ} الصداق. اهـ.
قال الفخر:
قال أبو عبيدة: هذا يحتمل الرغبة والنفرة، فإن حملته على الرغبة كان المعنى: وترغبون في أن تنكحوهن، وإن حملته على النفرة كان المعنى: وترغبون عن أن تنكحوهن لدمامتهن.
واحتج أصحاب أبي حنيفة رحمه الله بهذه الآية على أنه يجوز لغير الأب والجد تزويج الصغيرة، ولا حجة لهم فيها لاحتمال أن يكون المراد: وترغبون أن تنكحوهن إذا بلغن، والدليل على صحة قولنا: أن قدامة بن مظعون زوج بنت أخيه عثمان بن مظعون من عبد الله بن عمر، فخطبها المغيرة بن شعبة ورغب أمها في المال، فجاؤا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال قدامة: أنا عمها ووصي أبيها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إنها صغيرة وإنها لا تزوج إلاّ بإذنها، وفرق بينها وبين ابن عمر، ولأنه ليس في الآية أكثر من ذكر رغبة الأولياء في نكاح اليتيمة، وذلك لا يدل على الجواز. اهـ.
قال الفخر:
{والمستضعفين مِنَ الولدان} وهو مجرور معطوف على يتامى النساء كانوا في الجاهلية لا يورثون الأطفال ولا النساء، وإنما يورثون الرجال الذين بلغوا إلى القيام بالأمور العظيمة دون الأطفال والنساء. اهـ.
{وَأَن تَقُومُواْ لليتامى بالقسط وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ الله كَانَ بِهِ عَلِيمًا}
قال الفخر:
قوله تعالى: {وَأَن تَقُومُواْ لليتامى بالقسط}
وهو مجرور معطوف على المستضعفين، وتقدير الآية: وما يتلى عليكم في الكتاب يفتيكم في يتامى النساء وفي المستضعفين وفي أن تقوموا لليتامى بالقسط {وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ الله كَانَ بِهِ عَلِيمًا} يجازيكم عليه ولا يضيع عند الله منه شيء. اهـ.

.قال الألوسي:

{وَمَا تَفْعَلُواْ} في حقوق المذكورين {مّنْ خَيْرٍ} حسبما أمرتم به أو ما تفعلوه من خير على الإطلاق ويندرج فيه ما يتعلق بهؤلاء اندراجًا أوليًا.
{فَإِنَّ الله كَانَ بِهِ عَلِيمًا} فيجازيكم عليه، واقتصر على ذكر الخير لأنه الذي رغب فيه، وفي ذلك إشارة إلى أن الشر مما لا ينبغي أن يقع منهم أو يخطر ببال. اهـ.

.من لطائف وفوائد المفسرين:

.من لطائف القشيري في الآية:

قال عليه الرحمة:
{وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ}
نهاهم عن الطمع الذي يحملهم على الحيف والظلم على المستضعفين من النِّسْوان واليتامى، وبَيَّنَ أنَّ المنتقِمَ به لهم الله، فَمَنْ راقب الله فيهم لم يخسر على الله بل يجد جميل الجزاء، ومن تجاسر عليهم قاسى لذلك أليمَ البلاء. اهـ.

.من فوائد ابن عاشور في الآية:

قال رحمه الله:
{وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ}
عطف تشريع على إيمان وحكمة وعظة.
ولعلّ هذا الاستفتاء حدث حين نزول الآيات السابقة.
فذكر حكمه عقبها معطوفًا.
وهذا الاستفتاء حصل من المسلمين بعد أن نزل قوله تعالى: {وإن خفتم أن لا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء} [النساء: 3] إلخ.
وأحسن ما ورد في تفسير هذه الآية ما رواه البخاري عن عروة بن الزبير أنّه سأل عائشة عن قول الله تعالى: {وإن خفتم أن لا تقسطوا في اليتامى} قالت: يا بن أختي هذه اليتيمة تكون في حجر وليّها تشركه في ماله ويُعجبه مالها وجمالها فيريد أن يتزوّجها بغير أن يقسط في صداقها فيعطيَها مثل ما يعطيها غيره، فنهوا أن ينكحوهنّ إلاّ أن يقسطوا لهنّ ويبلغوا بهنّ أعلى سنّتهنّ في الصداق، وأمروا أن ينكحوا ما طاب لهم من النساء سواهنّ.
وأنّ الناس استفتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد هذه الآية فأنزل الله تعالى: {ويستفتونك في النساء}.
قالت عائشة: وقول الله تعالى: {وترغبون أن تنكحوهن} رغبة أحدكم عن يتيمته حين تكون قليلة المال والجمال؛ قالت: فنهوا عن أن ينكحوا من رغبوا في مالها وجمالها من يتامى النساء إلاّ بالقسط من أجْل رغبتهم عنهنّ إذا كنّ قليلات المال والجمال، وكان الولي يرغب عن أن ينكحها ويكره أن يزوّجها رجلًا فيشركه في ماله بما شركته فيعضلها.
فنزلت هذه الآية.
فالمراد: ويستفتونك في أحكام النساء إذ قد علم أنّ الاستفتاء لا يتعلّق بالذوات، فهو مثل قوله: {حرّمت عليكم أمّهاتكم} [النساء: 23].
وأخصّ الأحكام بالنساء: أحكام ولايتهنّ، وأحكام معاشرتهنّ.
وليس المقصود هنا ميراث النساء إذ لا خطور له بالبال هنا.
وقوله: {قل الله يفتيكم فيهن} وعد باستيفاء الإجابة عن الاستفتاء، وهو ضرب من تبشير السائل المتحيّر بأنّه قد وجد طلبته، وذلك مثل قولهم: على الخبير سقطت.
وقوله تعالى: {سأنبّئك بتأويل ما لم تستطع عليه صبرًا} [الكهف: 78].
وتقديم اسم الجلالة للتنويه بشأن هذه الفتيا.
وقوله: {وما يتلى عليكم} عطف على اسم الجلالة، أي ويفتيكم فيهنّ ما يتلى عليكم في الكتاب، أي القرآن، وإسناد الإفتاء إلى ما يُتلى إسناد مجازي، لأنّ ما يتلى دالّ على إفتاء الله فهو سبب فيه، فآل المعنى إلى: قل الله يفتيكم فيهنّ بما يتلى عليكم في الكتاب، والمراد بذلك بما تلي عليهم من أوّل السورة، وما سيتلى بعد ذلك، فإنّ التذكير به وتكريره إفتاء به مرّة ثانية، وما أتبع به من الأحكام إفتاء أيضًا.
وقد ألّمت الآية بخلاصة ما تقدّم من قوله: {وآتوا اليتامى أموالهم} إلى قوله: {وكفى بالله حسيبًا} [النساء: 2 6].
وكذلك أشارت هذه الآية إلى فِقر ممّا تقدّم: بقوله هنا: {في يتامى النساء اللاتي لا تؤتوهنّ ما كُتب لهنّ} فأشار إلى قوله: {وإن خفتم أن لا تقسطوا} إلى قوله: {فكلوه هنيئًا مريئًا} [النساء: 3، 4].
ولحذف حرف الجرّ بعد {ترغبون} هنا موقع عظيم من الإيجاز وإكثار المعنى، أي ترغبون عن نكاح بعضهنّ، وفي نكاح بعض آخر، فإنّ فعْل رغب يتعدّى بحرف (عن) للشيء الذي لا يُحَبّ؛ وبحرف (في) للشيء المحبوب.
فإذا حذف حرف الجرّ احتمل المعنيين إن لم يكن بينهما تناف، وذلك قد شمله قوله في الآية المتقدّمة {وإن خفتم أن لا تقسطوا في اليتامى فانكحوا} [النساء: 3] إلخ.
وأشار بقوله هنا {والمستضعفين من الولدان} إلى قوله هنالك {وآتوا اليتامى أموالهم إلى كَبيرًا} [النساء: 2] وإلى قوله: {ولا تؤتوا السفهاء أموالكم} إلى قوله: {معروفًا} [النساء: 5].
وأشار بقوله: {وأن تقوموا لليتامى بالقسط} إلى قوله هنالك: {وابتلوا اليتامى} إلى: {حسيبًا} [النساء: 6].
ولا شكّ أنّ ما يتلى في الكتاب هو من إفتاء الله، إلاّ أنّه لمّا تقدّم على وقت الاستفتاء كان مغايرًا للمقصود من قوله: {الله يفتيكم فيهنّ}، فلذلك صحّ عطفه عليه عطف السبب على المسبّب.
والإفتاء الأنف هو من قوله: {وإنِ امرأةٌ خافت من بعلها نشوزًا أو إعراضًا إلى واسعًا حكيمًا} [النساء: 128 130].
و(في) من قوله: {في يتامى النساء} للظرفية المجازية، أي في شأنهن، أو للتعليل، أي لأجلهنّ، ومعنى {كُتب لهنّ} فُرِض لهنّ إمّا من أموال من يرثْنَهم، أو من المهور التي تدفعونها لهنّ، فلا توفوهنّ مهور أمثالهنّ، والكلّ يعدّ مكتوبًا لهنّ، كما دلّ عليه حديث عائشة رضي الله عنها وعلى الوجهين يجيء التقدير في قوله: {وترغبون أن تنكحوهنّ} ولك أن تجعل الاحتمالين في قوله: {ما كتب لهنّ} وفي قوله: {وترغبون أن تنكحوهنّ}.
مقصودين على حدّ استعمال المشترك في معنييه.
وقوله: {والمستضعفين} عطف على {يتامى النساء}، وهو تكميل وإدماج، لأنّ الاستفتاء كان في شأن النساء خاصّة، والمراد المستضعفون والمستضعفات، ولكنّ صيغة التذكير تغليبٌ، وكذلك الولدان، وقد كانوا في الجاهلية يأكلون أموال من في حجرهم من الصغار.
وقوله: {وأن تقوموا} عطف على {يتامى النساء}، أي وما يتلى عليكم في القيام لليتامى بالعدل.
ومعنى القيام لهم التدبير لشؤونهم، وذلك يشمل يتامى النساء. اهـ.

.من فوائد الزمخشري:

وكان عمران بن حطان الخارجي من أدمّ بني آدم، وامرأته من أجملهم، فأجالت في وجهه نظرها يومًا ثم تابعت الحمد لله، فقال: مالك؟
قالت: حمدت الله على أني وإياك من أهل الجنة.
قال: كيف؟
قالت: لأنك رزقت مثلي فشكرت، ورزقت مثلك فصبرت، وقد وعد الله الجنة عباده الشاكرين والصابرين. اهـ.

.من فوائد الشنقيطي في الآية:

قال رحمه الله:
قوله تعالى: {وَمَا يتلى عَلَيْكُمْ فِي الكتاب فِي يَتَامَى النساء} الآية.
لم يبين هنا هذا الذي يتلى عليهم في الكتاب ما هو، ولكنه بينه في أول السورة وهو قوله تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي اليتامى فانكحوا مَا طَابَ لَكُمْ مِّنَ النساء} [النساء: 3] الآية. كما قدمناه عن أم المؤمنين عائشة- رضي الله عنها- فقوله هنا: {وَمَا يتلى} [النساء: 127] في محل رفع معطوفًا على الفاعل الذي هو لفظ الجلالة، وتقرير المعنى قل الله يفتيكم فيهن، ويفتيكم فيهن أيضًا: {وَمَا يتلى عَلَيْكُمْ فِي الكتاب فِي يَتَامَى النساء} [النساء: 127] الآية. وذلك قوله تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي اليتامى} [النساء: 103] الآية. ومضمون ما أفتى به هذا الذي يتلى علينا في الكتاب هو تحريم هضم حقوق اليتيمات فمن خاف أن لا يقسط في اليتيمة التي في حجره فليتركها ولينكح ما طاب له سواها، وهذا هو التحقيق في معنى الآية كما قدمنا، وعليه فحرف الجر المحذوف في قوله: {وَتَرْغَبُونَ أَن تَنكِحُوهُنَّ} [النساء: 127] هو عن أي: ترغبون عن نكاحهن لقلة مالهن وجمالهن. أي: كما أنكم ترغبون عن نكاحهن لقلة مالهن وجمالهن. أي: كما أنكم ترغبون عن نكاحهن إن كن قليلات مال وجمال فلا يحل لكم نكاحهن إن كن ذوات مال وجمال إلا بالإقساط إليهن في حقوقهن كما تقدم عن عائشة- رضي الله عنها.
وقال بعض العلماء: الحرف المحذوف هو في أي: ترغبون في نكاحهن إن كن متصفات بالجمال وكثرة المال مع أنكم لا تقسطون فيهن، والذين قالوا بالمجاز واختلفوا في جواز حمل اللفظ على حقيقته ومجازه معًا أجازوا ذلك في المجاز العقلي كقولك: أغناني زيد وعطاؤه، فإسناد الإغناء إلى زيد حقيقة عقلية، وإسناده إلى العطاء مجاز عقلي فجاز جمعها، وكذلك إسناد الإفتاء إلى الله حقيقي، وإسناده إلى ما يتلى مجاز عقلي عندهم. لأنه سببه فيجوز جمعهما.